“العنف الزوجي ” ؛ وكيف السبيل إلى الخلاص منهُ …!
مع مطلع القرن الواحد والعشرين ومع كل ما حققه الإنسان من التقدم الهائل في كافة الأصعدة والمجالات الحياتية، ومع ما يعيشه إنسان اليوم في عصر الحداثة والعولمة، ولكن لم يستطع هذا التقدم أن يهدي إلى البشرية جمعاء السلام والرفق والمحبة والألفة
إذ تبقى هناك الكثير من مظاهر الهمجية والجاهلية الحاكمة في العصور الغابرة عالقة ومترسخة في النفس البشرية وكأنها تأبى أن تنفض ذلك عنها، رغم تغير الرداء الذي ترتديه
وظاهرة العنف عامة هي من هذا النوع الذي يحمل هذا الطابع، إذ إنها تهدد المنجزات التي حققها الإنسان خلال السنوات الماضية، والأسوأ من ذلك كله عندما يتعدى ويمتد هذا العنف إلى الفئات الضعيفة في المجتمع كالمرأة مثلا..
فالعنف ضد المرأة من الأمور التي تجلب انتباه المتصفح والمتتبع للأحداث..
فما هو العنف .. وماهي أشكاله ..؟!
العنف هو اي نوع من انواع السلوك الذي يستخدمه الفرد او يهدد الطرف الآخر باستخدامه من أجل التحكم في الطرف الآخر وهنا يشعر الفرد بأنه يحتاج إلى التحكم والسيطرة على الطرف الآخر بسبب قلة الثقة بالنفس او الغيرة المفرطة او عدم التحكم في المشاعر او انه يرى انه من الطبيعي ان يعامل زوجته بعنف .
أشكال العنف الزوجي :
1-الجسمي : مثل الضرب او الركل او الدفع وفي معظم الحالات يكون العنف بشكل متكرر عبر الزمن .
2- النفسي : مثل اجبار الزوجة على الانعزال عن العالم والابتعاد عن الأهل والأصدقاء أو التحكم قي الأماكن التي تذهب إليها الزوجة او جعل الزوجة تشعر بالذنب او الجنون او طلب طلبات غير معقولة .
3- العاطفي : هنا يتم الحط من قدر الزوجة عن طريق تقليل ثقتها بنفسها بالنقد المستمر والاهانات .
4- الاقتصادي : عن طريق اجبار الزوجة على العمل او اجبارها على عدم العمل او اتخاذ كل القرارات المالية .
5- البيئية : فالمشكلات البيئية التي تضغط على الإنسان كالازدحام وضعف الخدمات ومشكلة السكن وزيادة السكان و ، بالإضافة إلى ذلك ما تسببه البيئة في إحباط الفرد، حيث لا تساعده على تحقيق ذاته والنجاح فيها كتوفير العمل المناسب للشباب، فذلك يدفعه دفعا نحو العنف ليؤدي إلى انفجاره إلى من هو أضعف منه (المرأة)..
ماهي الأسباب وراء تعنيف الزوج لزوجتهِ ..؟!
أسباب العنف الزوجي عديدة .. لكن أبرزها .. هي :
1-تعلم الرجل هذا السلوك من الأسرة لأن والده كان يفعل ذلك مع والدته .
2- التماهي وتقليد الصورة النمطية للرجل التي يتم بثها في وسائل الاعلام .
3- الاعتقاد بأنها هي الطريقة المناسبة لفرض السيطرة .
4- قلة الثقة بالنفس والرغبة في بقاء الزوجة معتمدة عليه .
5- تمت برمجة الزوج على ان العنف يحقق له ما يريد .
6- ادمان الخمور او المخدرات مما يجعل هناك صعوبة في التحكم بالسلوك .
لماذا تتقبل بعض النساء العنف وتلتزم الصمت ..؟!
لاشك أن من أسباب تقبل المرأة للعنف الزوجي هي .. :
1-الرغبة في استمرار العلاقة والتمسك بأمل أن الزوج سيتغير .
2- الشعور بالذنب .
3- عدم رؤية اي مساعدة او علاج .
4- الاعتقاد بأن الزوج يحتاجها .
5- عدم وجود اي دعم اجتماعي من قبل الآخرين .
6- الخوف من الوحدة .
7- الاعتقاد بأن العنف شيء طبيعي .
8- الاعتقاد بأن العنف سينتهي عند انجاب الأطفال .
هل يتأثر الأطفال بهِ ؛وماهي أشكال تأثير العنف الزوجي على الأطفال ..؟!
تأثير العنف الزوجي على الأطفال :
1- التأثير الجسمي :
– انخفاض وزن المولود إذا كان العنف قد حدث والزوجة حامل .
– زيادة في معدل الأمراض نتيجة ضعف الجهاز المناعي .
– مشكلات في الأكل والنوم .
2- التأثير المعرفي :
– الكوابيس والأحرم المزعجة .
– الأداء المدرسي الضعيف .
– مشكلات في النمو اللغوي .
3- التأثير النفسي والاجتماعي :
– الشعور بالقلق والتوتر .
– الاكتئاب والشعور بالعزلة .
– السلوك العدواني .
– قلة الثقة بالنفس .
– الشعور بقلة الحيلة
– عدم القدرة على تكوين والاحتفاظ بالصداقات .
– صعوبة في التعامل مع الصراعات .
أين يكمن العلاج ضد العنف الزوجي ..؟!
بما أن ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة قديمة وكبيرة الاتساع منذ أن كانت في العصر الجاهلي تباع المرأة وتشترى، وتوأد في التراب وهي حية، فلا نتوقع أن يكون حل هذه الظاهرة أو علاجها آنيا وبفترة قصيرة. وإنما لابد من كونه جذريا وتدريجيا من أجل القضاء عليها أو الحيلولة إلى إنقاصها بأكبر قدر ممكن. وذلك عبر:
- الرجوع إلى القانون الإلهي والشريعة الإسلامية التي تعطي للمرأة كامل حقوقها وعزتها وكرامتها، كما وتقدّم لها الحماية والحصانة الكاملة. قال تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) (البقرة 228)، (وعاشروهن بالمعروف) (النساء 19)، وينظر إليها كإنسانة لها ما للرجل وعليها ما عليه، وأنها مساوية له في جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل، (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء) (النساء1)..
وقد أثبتت التجربة أن القوانين الوضعية لم تتمكن من إعطاء المرأة حقوقها وحمايتها، وإن كانت ترفع الشعارات لصالحها..
تطبيق هذه القوانين الإسلامية من قبل المسئولين كالحكومات والمؤسسات والمتصدين للأمور، ومعاقبة من يقوم بالعنف ضدها، كي تحس المرأة بالأمن والأمان وهي قابعة في قعر دارها، أو عاملة في محل عملها، أو ماشية في طرقات بلدتها..
التوعية الاجتماعية سواء كان ذلك في المجتمع الأنثوي أو في المجتمع العام، إذ لابد من معرفة المرأة لحقوقها، وكيفية الدفاع عنها، وإيصال صوت مظلوميتها إلى العالم بواسطة كافة وسائل الإعلام، وعدم التسامح والتهاون والسكوت في سلب هذه الحقوق، وصناعة كيان واعي ومستقل لوجودها..
ومن طرف آخر نشر هذه التوعية في المجتمع الذكوري أيضا، عبر نشر ثقافة احترام وتقدير المرأة التي تشكل نصف المجتمع بل غالبيته..
- إن الدور التي تلعبه وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة في بث العديد من الثقافات إلى جميع المجتمعات سلبا أو إيجابا واضحة للجميع، لذا من الضروري تعميم هذه التوعية لتصل إلى هذه الوسائل لتقوم بالتغطية اللازمة لذلك..
ولابد من تضاعف هذه الجهود بالنسبة إلى وسائل التلفزة لحذف المشاهد والمقاطع التي توحي من قريب أو بعيد إلى تدعيم ظاهرة العنف ضد المرأة..
- إنشاء المؤسسات التي تقوم بتعليم الأزواج الجدد على كيفية التعامل الصحيح مع بعضهما البعض ومراعاة حقوقهما المتبادلة تجاه الآخر، وكيفية تعامل الزوج مع زوجته ليكون مصداقا لوصايا المعصومين (ع) في حق المرأة، فعن رسول الله (ص): (اتقوا الله عزوجل في النساء فإنهن عوان (أي أسيرات) بين أيديكم، أخذتموهن على أمانات الله)، وعنه (ص): (مازال جبرائيل يوصيني بالنساء حتى ظننت أنه سيحرّم طلاقهن)..
ومن مجمل هذا يتضح أن العنف الزوجي يؤثر على الزوجة والأطفال لذا على الزوجة التي تعاني من العنف الزوجى ان تلجأ إلى مساعدة المختص ويجب عليها ان تعلم تماما انها ليست وحدها التي تعامي من هذه المشكلة ولكن هناك زوجات كثيرات في نفس الموقف فيجب طلب المساعدة من اجل التعامل مع العنف الزوجي .